رئيس التحرير
عصام كامل

أسرار وفضائل سورة يس وبماذا سماها النبي؟

سورة يس
سورة يس
فضل قراءة سورة يس.. لكل سورة من سور القرآن الكريم أسرار وفضائل، وهدى ورحمة للمؤمنين، فتلاوة كتاب الله، عز وجل، تحث المؤمن على حفظه والارتباط الوثيق به.. ونورد في التقرير التالي أهم الفضائل التي ارتبطت بسور القرآن الكريم.



فضائل قراءة سورة يس
سورة يس من السور المكية، وعدد آياتها ثلاث وثمانون آية، وفواصلها القصيرة لها وقع قوي في النفوس المؤمنة، وموضوعاتها الرئيسية هي موضوعات السور المكية، فقد تحدثت عن توحيد الألوهية والربوبية وعاقبة المكذبين بهما، والقضية التي يشتد عليها التركيز في سورة يس هي قضية البعث والنشور، وبالتفصيل في مقاصد سورة يس يظهر أنّ سورة يس تضمنت تقرير الأصول الثلاثة، وهي:

 الرسالة: فقد جاءت فاتحتها ببيان الرسالة، قال سبحانه وتعالى: "إنَّك لمنَ المُرسَلين".

الوحدانية: وقد جاءت خاتمتها ببيان وحدانية الله سبحانه وتعالى قال تعالى: "فسُبحانَ الّذِي بيدِهِ ملكوتُ كُلِّ شيءٍ وإليه ترجعون".  

الحشر: وقد أشارت سورة يس إلى الحشر في قول الله تعالى: "وإليهِ تُرجعون".

فضائل قراءة سورة يس
يشعر المرء عند تلاوة السورة بالراحة النفسية والذهنية، ولابد عند تلاوة السورة أن يكون لديك نية صافية للتوبة إلي الله، وقضاء حاجتك، فعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ سورة يس في ليلة ابتغاء وجه الله غُفر له في تلك الليلة).

أهمية سورة يس
-  لسورة يس فضل كبير، فمن قرئها حين يمسي وحين يصبح غفر الله له ما تقدم من ذنيه وما تأخر،  فعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ سورة يس في ليلة ابتغاء وجه الله غُفر له في تلك الليلة).
- تقرا السورة على الميت، وذلك تخفيف لسكرات الموت له، يروي أبو الدّرداء عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنه قال: (ما من ميّت يموت فيقرأ عنده (يس) إلّا هوّن الله عليه).

- لقبت هذه السورة بقلب القرآن، فقال الرسول -صلي الله عليه وسلم.

- (إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قلبًا وقلب القرآن يس).

يتّفق أهل العلم على أنّ القرآن الكريم بكلّ سوره وآياته محضُ خير وبركة، وسورة يس من السور التي رُوي بشأنها روايات كثيرة، وجاء في بعض الروايات أنّ قراءة سورة يس سبب في مغفرة الذنوب وتكفير السيئات، وما ذلك على الله بعزيز، فعن جندب -رضي الله عنه- قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «مَن قرَأ يس في ليلةٍ ابتغاءَ وجهِ اللهِ غُفِر له»، وجاء في رواية أخرى الوصية بقراءتها على من حان أجله من المسلمين؛ فعن معقل بن يسار -رضي قراءة سورة يس على المحتضر لله عنه- عن رسول الله -عليه السلام- أنّه قال: «اقرَؤوا على موتاكم يس».

كما رأى جمهور علماء الأمة ومنهم الشافعية والحنفية والحنابلة أنّ قراءة سورة يس على المحتضر سُنّة، واستدلوا على ذلك بحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اقرءوا يس على موتاكُم»، والسبب في استحباب العلماء لقراءة هذه السورة عند المحتضر أنّها تشتمل على التوحيد والمعاد، كما أنّ فيها بشارة للمؤمن الذي يموت على التوحيد بالجنة والعاقبة الحسنة في الآخرة، ومن ذلك قوله- تعالى-: «قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ»، فسماع هذه الآية فيه بشارة للمؤمن في حال احتضاره، والاستبشار فيه تسهيل لخروج الروح من الجسد.

الموضوعات الرئيسية في سورة ياسين
  يغلب على سورة ياسين طابع موضوعات السّور المكية التي تهدف إلى بناء أسس العقيدة الصحيحة والإيمان؛ ولكنّ هذه الموضوعات تُعرَض في سورة يس مصحوبة بتأثيرٍ يناسب ظلالها، ويتناسق مع إيقاعها، لذا فإنّ القارئ المتدبّر يجد في ثناياها المباركة ما يأتي:

1- تناول طبيعة الوحي وصدق الرسالة؛ ففي بدايتها يقول المولى – سبحانه-: «يس، والقرآن الحكيم، إنك لمن المرسلين».

2- تسوق آياتها قصة أصحاب القرية إذ جاءها المرسلين، تحذيرًا من عاقبة التكذيب بالرسالة وجحود الوحي الإلهيّ.

3- تتعرّض السورة لقضية الألوهيّة والوحدانيّة، ويظهر ذلك من استنكار الإشراك بالله سبحانه على لسان الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة، وهو يقول: «وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ»، وقبل نهاية السورة يأتي ذكر هذه القضية من جديد، قال – تعالى-: «وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ».

4- تركّز السورة على مسألة البعث والنشور، حيث ترد في أكثر من موضع في ذات السورة، ففي بدايات السورة يقول –سبحانه-: «إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ»، ثمّ يأتي ذكرها في قصة أصحاب القرية، وفي وسط السورة تنقل مشهدًا متكاملًا من مشاهد اليوم الآخر، وفي ختام السورة يقول – تعالى-: « وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ».

دلالات من سورة يس
تضمنّت سورة يس العديد من المقاصد والدلالات، وأبرزها:

1- بدأت السور ببيان إعجاز القرآن الكريم، والتحدي في الإتيان بمثله بالحروف المقطعة في البداية، وأقسم الله -سبحانه- في السورة بالقرآن الكريم؛ تنويهًا لمكانته ولفتًا للأنظار.

2- حقّقت السورة قاعدةً متينةً للعقيدة، فبيّنت طبيعة الوحي، وصدق الرسالة وإنكار الشرك، وترسيخ معنى الربوبية والوحدانية.

3- لفتت الأنظار إلى إبداع الله -سبحانه- في خلق الكون، والآيات التي بثّها التي تدلّ على وحدانية الله، وتدعو إلى التفكّر بتلك الآيات.


أسباب نزول سورة يس
نزل قول الله تعالى من سورة يس: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) في بني سلمة، فقد كانوا يَسكنون في أطراف المدينة بعيداً عن مسجد رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-، وشكوا إليه بُعد منازلهم عن المسجد، وطلبوا منه أن يرتحلوا ليسكنوا قرب المسجد، فأمرهم النّبي عليه الصّلاة والسّلام أن يبقوا في مساكنهم وأنَّ أجرهم سيُكتب لهم من الله تعالى، فأنزل -سبحانه وتعالى- هذه الآية. وورد أنَّ قول الله تعالى من سورة يس: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) نزل في أُبيَّ بن خَلف -وهو أحد زعماء قريش- حيث جاء إلى النّبي -عليه الصّلاة والسّلأام- وبيده عظامٌ باليةٌ، فسأل أُبيُّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام: هل يُحيي الله هذه العظام بعدما فَنيت وبليت؟ فأجابه النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-، وأنزل الله تعالى هاتين الآيتين الكريمتين.


سرُّ سورة يس

يكمن سرُّ سورة يس في فضائلها التي جاءت الكثير من الرّوايات والآثار بالحديث عنها، رغم أنَّ كثيراً من هذه الرّوايات والآثار لم تَصِحّ، وبيَّن كثيرٌ من علماء الحديث والتفسير ما كان مكذوباً منها وما لم يصحّ، ويمكن ذكر بعض ما صحَّ من الفضائل: لقّب النبي عليه الصّلاة والسّلام هذه السّورة بقلب القرآن، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- أنَّه قال: (إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قلبًا وقلب القرآن يس).

من قرأ سورة يس طلباً لمرضاة الله تعالى غُفر له ذنبه، كما روى جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (مَنْ قَرَأَ يس فِي لَيْلَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ غُفِرَ لَهُ).

ذهب جمعٌ من العلماء إلى استحباب قراءة سورة يس على المُحتضِر عند احتضاره؛ وعلَّلوا ذلك لاشتمال السّورة على مواضيع التّوحيد والبعث، والتّبشير بالجنَّة في ثنايا آياتها لمن مات على التّوحيد، فتستبشر الرّوح ويسهل خروجها، وفي ذلك قول الله تعالى: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)، وقد روى معقل بن يسار -رضي الله عنه- عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- قوله: (اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ سُورَةَ يَس).

وردت في سورة يس قصّةٌ من القصص القرآنيّ، وهي قصة أصحاب القرية والرّجل الصّالح الذي لُقِّب بمؤمن آل يس، وقيل إنَّ اسمه حبيب بن مُرّة أو حبيب النجّار؛ لأنَّه كان نجّاراً كما نَقَلت بعض الرّوايات، وقد أخبرت سورة يس عن أصحاب القرية الذين أرسل الله تعالى لهم رسولين يدعونهم للهداية فكذّبوهم، فأرسل الله تعالى رسولًا ثالثاً وكذبوه كذلك وتآمروا على الرّسل الثلاثة، وكان في القرية حبيب الصّالح الذي جاء يسعى لينهاهم عن إعراضهم، وينصحهم بالإيمان بالله واتّباع الرّسل وعدم إيذائهم، وذلك كما في قول الله تعالى: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)، فلم يستجيبوا لحبيب، وأشارت الآيات إلى أنَّهم قتلوه، من قول الله تعالى: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ)، ففي هذه الآية كنايةٌ أنَّ حبيب قُتِل شهيداً؛ حيث أُتبِعت دعوته وموعظته لهم بأمر الله تعالى له بدخول الجنَّة مباشرةً دون انتقال.

الجريدة الرسمية