رئيس التحرير
عصام كامل

مد مهلة التصالح ضرورة ملحة

قال وزير التنمية المحلية إنه لن يصدر قرارا بمد مهلة التصالح في مخالفات البناء، وما قاله الوزير ينافى ما يفرضه الواقع، بسبب الحجم الأكبر لمن لم يتقدموا للتصالح لأسباب قد تكون منطقية.


بعض الذين لم يتقدموا أو كلهم فرضت عليهم الظروف الاقتصادية ألا يتقدموا ربما لأنهم لا يملكون الآن بسبب جائحة كورونا، وتأثيرها على حركة الاقتصاد ما يدفعونه كإثبات جدية أو لأسباب أخري.

النتيجة النهائية أن الحكومة ترغب في تحصيل أموال، وهي -بالمناسبة- أموال كثيرة، والذين لم يتقدموا ليس لديهم ما يعينهم على مصاعب الحياة التي ارتفعت حدتها، بسبب تأثر قطاعات كثيرة من جراء كورونا.

وفي النهاية ستجد الحكومة نفسها أمام مأزق بإعادة الهدم وتهديد الناس فيما لا يمتلكون غيره من حطام الدنيا، والهدم في حد ذاته لن يحل مشكلة الحكومة فيما تصبو إليه من جنى الأموال، ولن يحقق الصالح العام.

هيئة "التجريس" العام!!

الهدم يعنى ترك أعداد كبيرة في العراء، وفي النهاية الحكومة مسئولة دستوريا عن توفير حق السكن، ومسئولة أخلاقيا عن ترك الأسر المهددة في العراء، إضافة إلى رسم صورة ذهنية عن الدولة المتوحشة.

أتصور أن وزير التنمية المحلية بحاجة إلى استخدام كل أجهزة وزارته لدراسة الواقع وأسباب انصراف أعداد ليست بالقليلة عن فكرة التصالح، والوصول إلى هذه الأسباب من شأنه أن يعين الدولة في اتخاذ القرار السليم، إزاء قضية ترتبط بواحد من أهم حقوق الإنسان.

قد تتشارك مؤسسات المجتمع المدنى مع الدولة في حل المشكلة، وقد يرى محافظ البنك المركزى أن بيده حلا في قروض حسنة تحل جانبا من القضية، وقد ينفعل رجال أعمال بما تسفر عنه الدراسة، ويساهمون في حل بعض هذه المعضلات.

الهدف الأساسي من التصالح هو حق الدولة وبناء مستقبل بلا مشكلات مستعصية ترتبط بالسكن، خاصة وأن الدولة التي تتقاضى هذه المبالغ ليست بريئة من تهمة دفع الناس للمخالفات.

سحل الفلاح المصرى

غابت الدولة وتركت فراغا شغله الناس بما يملكون من رؤية لم تهتم لا بالجمال ولا بالعمارة ولا بالتنظيم، حيث إن مشكلة المواطن تتلخص في توفير أربعة جدران لإيواء أسرته، وهو ما فعله بإمكانيات لا دليل لها ولا مرشد.

أتصور أن وزير التنمية المحلية، ومن قبله السيد رئيس الوزراء، لابد وأن يفكرا في اللحظة التالية لما بعد انتهاء مهلة التصالح، وساعتها فإننا على يقين أن قرارا مسئولا سيصدر لحماية الناس والثروة العقارية وتفادى صدام إنسانى على الأقل.
الجريدة الرسمية