رئيس التحرير
عصام كامل

قوى "الأزهر الناعمة" لمواجهة التطرف والإرهاب في العالم.. "البعثات الخارجية" و"الدورات التدريبية" سلاح المشيخة لتصحيح المفاهيم

الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
«الأزهر الشريف مؤسسة دينية تتسم بالاعتدال وتقدم الدين الإسلامي بشكل وسطي جيد».. كلمات عبر بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن رأيه في الجهود التي تقوم بها مؤسسة الأزهر الشريف، وذلك خلال فاعليات المؤتمر الصحفي الذي عقده «السيسي» مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الفرنسية باريس.


في رسالة تحمل في طياتها معاني كثيرة، لعل أبرزها هو تقدير السلطة السياسية للمجهودات التي تقوم بها مؤسسة الأزهر الشريف، بجانب وصول تأثير المجهودات التي تقوم بها المشيخة لتصحيح صورة الدين وإظهار الصورة الحقيقية للإسلام في شكله الوسطي المعتدل الذي يرفض أي عمل إرهابي ويدعوا للتعايش السلمي وقبول الآخر.

البعثات الخارجية

«البعثات الخارجية والدورات التدريبية التي يقدمها الأزهر لكافة دول العالم»، واحدة من أبرز الأدوات التي يستخدمها ويعتمد عليها «الأزهر» في عملية إيضاح الصورة الإسلام لكافة دول العالم، هذا إلى جانب المؤتمرات والندوات المختلفة التي يعقدها الأزهر الشريف، وكذلك الحال للجولات الخارجية لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.

لكن يبقى تأثير البعثات والدورات التدريبية، العامل الأبرز والسلاح الأكثر تأثيرا، نظرا لأنه يعتمد على اللقاء المباشر والاحتكاك مع شعوب وأئمة الدول الخارجية، مما يسهل عملية الوقوف على أبرز المشكلات التي تواجه تلك المجتمعات والعمل على تصحيح العديد من الأفكار والمتعقدات المغلوطة والتي نجح أصحاب الجماعات المتطرفة في زرعها داخل هذه المجتمعات نتيجة استغلال المساحة الفارغة لغياب المؤسسات الدينية في تلك المجتمعات.

رسالة تنوير

بداية قال الدكتور نظير عياد، أمين مجمع البحوث الإسلامية: بعثات الأزهر الشريف إلى دول العالم تمثل رسالة عظمى لدوره الخارجي الذي يؤكد قيمة هذه المؤسسة ودورها الرائد على مختلف المستويات، كما أنه في ظل إستراتيجية مصر واهتمامها بالمواجهة الحاسمة للفكر المتطرف، وما تقوم به مؤسسة الأزهر الشريف في هذا الشأن لبيان صحيح الدين ونشره بين الناس، فإن الأزهر يواصل إرسال مبعوثيه كل عام إلى دول العالم لنشر منهجه الوسطي، والقضاء على كل فكر أو تيار من شأنه أن يشوه صورة الدين أو يتخذ منه ستارا لتحقيق مصالح شخصية.

وعدد المبعوثين بلغ 710 مبعوثين، فيما يقرب من 60 دولة، حيث يستقبل المجمع طلبات الدول سنويًا، ثم يعلن عن مسابقة عامة للابتعاث ليتم اختيار أكفأ نماذج يمكن أن تمثل مصر والأزهر من مدرسي ووعاظ الأزهر الشريف، حيث يتم عقد اختبارات تحريرية وشفوية ثم مقابلات شخصية، ثم عقد دورات تخصصية وفكرية مركزة على احترام القوانين في كل دولة وتفنيد الشبهات التي تستغلها جماعات التكفير والإرهاب، إضافة إلى تصحيح المفاهيم والأفكار المغلوطة مركزة على إظهار قيم التسامح والتعايش السلمي.

«عياد» أوضح أن «الابتعاث أحد الموضوعات التي يولي الأزهر بقيادة الإمام الطيب الاهتمام الأكبر، وذلك بالنظر إلى المبعوث الأزهري على أنه واحد من الأدوات المهمة التي يعول عليها في الخارج لإثبات عالمية الدعوة الإسلامية من الناحية والتأكيد على الدور الريادي والدور المحوري للدولة المصرية على الصعيد العالمي.

شروط المبتعث 

وأضاف: من الشروط التي يضعها الأزهر في لخوض المتقدمين لمسابقة الابتعاث، أن يكون على درجة مالية بموازنة الأزهر الشريف، وأن يكون قد أمضى ثلاث سنوات على الأقل من تاريخ مباشرة العمل في مجال التعليم أو الدعوة أو الإرشاد الدين، وألا تقل درجة تقريره الفني في العامين السابقين مباشرة على عام التقدم للمسابقة عن 85%، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفي منها نهائيًا، بجانب أن يكون صالحا للإيفاد من الناحية الصحية، وفقا لشهادة طبية معتمد، وألا يكون قد قضى بالخارج مدة عشر سنوات أو أكثر.

وأن يكون قد أمضى مدة مماثلة لمدة تعاقده السابقة بالخارج، وألا يكون قد سبق له الإيفاد من قبل سواء على نفقة الأزهر أو الجهة المستعارة، والمرحلة الأولى من الاختبارات وهي الامتحان التحريري تقدم إليها أكثر من 8 آلاف باحث أو معلم أو شيخ نجح منهم نحو 5 آلاف، ليتم تصعيدهم إلى الاختبارات الشفهية، حيث روعي في هذه الاختبارات تكوين لجان من أساتذة وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر ممن يجمعون بين الخبرة الأكاديمية والممارسة العملية.

من جانبه قال الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، المستشار العلمي للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف: الأزهر الشريف يقوم بدور كبير جدًا في إظهار شكل الإسلام الوسطى منذ عقود كثيرة، وكذلك المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، والتي يترأس مجلس إدارتها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والتي تعد اليد الطولي للأزهر في دول العالم، لأنها مؤسسة مدنية غير حكومية، وذلك لكي يسهل وصولها إلى بقاع متعددة من بلدان العالم، والتي يوجد لها أكثر من 20 فرع في بلدان متعددة.

،ومن دور المنظمة أنها تقوم بعقد عدة دورات تدريبية لأئمة وعلماء مختلف بلدان العالم، ومنذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد، بدأت المنظمة في عقد تلك الدورات عن طريق الـ"أون لاين»، وقبل عقد أي دورة يتم تحضير استمارة «استبيان» من الدول المستهدفة التي يتم التدريب فيها الأئمة، لتحديد أهم القضايا والموضوعات التي يحتاجها تلك الدول.

،وكذلك دراسة نوع الفكر الديني المنتشر في هذه الدول، وبناءً على تلك الاستبانة يتم تحديد تلك الموضوعات التي يتم تدريسها في تلك الدورات.

مواجهة الفكر المتشدد

وكشف «الهدد» أن المنظمة لاحظت من خلال أغلبية تلك الاستبيانات التي تمت مع تلك الدول أن المشكلات التي يعاني منها تلك الدول يمكن تلخيصها في محاور معينة، أولها هي انتشار الفكر المتشدد في تلك البلدان على سبيل المثال التعامل مع المندوبات والسنن في الشرع على أنها من الفرائض مثل الاعتقاد بفرضية إطلاق اللحية وتقصير الثياب.

وهذا يرجع إلى سيطرة أصحاب الأفكار المتشددة في بعض تلك البلدان، حيث يعمل أصحاب هؤلاء الفكر على إبعاد الناس عن أخذ دينهم من المؤسسات الدينية الرسمية، لأنهم يرون أن أي مؤسسة دينية رسمية حكومية، هي تسييس الدين من أجل الدولة – حسب وجه نظرهم- فتسعى المنظمة في تلك الحالة إلى استخدام أسلوب «الحماية» من خلال تفكيك هذا الفكر المتشدد ونقض أدلة لأن ما يستدلون به يكون غير صحيح.

وفي بعض الأحيان يكون الدليل صحيحا لكن موضوع استخدامه غير صحيح وهذا يغلب على مناطق أفريقيا وشرق آسيا.

التكفير

المستشار العلمي للمنظمة العالمية لخريجى الأزهر الشريف، أوضح أن «المحور الثاني الذي تعانى منه تلك الدول هو التكفير، ثم الأفعال المترتبة على هذا التفكير من أعمال إجرامية من تفجير وتدمير واستهداف مؤسسات الدولة، لافتا إلى أن المنظمة تركز على ترسيخ مبدأ التعددية الدينية والتعايش في أذهان المتدربين والتأكيد على أن الإسلام يدعو إلى التعايش السلمي وقبول الآخر خاصة وأن تلك الدول يتواجد فيها طوائف وأصحاب مذاهب مختلفة.

ويتم عمل استمارة استبيان للمتدربين قبل الدورة وبعدها لدراسة مدى التأثير والاستفادة التي تعود عليهم، ويلاحظ أنهم يعلمون أن الأفكار المتشددة وغيرها المنتشرة في مجتمعاتهم تخالف تعاليم الإسلام لكنهم لا يمتلكون لأدوات ووسائل الرد على تلك الأفكار».

كما أشار «الهدهد» إلى أن «تلك الدورات تلاقى قبولا كبيرا في تلك الدول ومن المؤسسات الرسمية بها، وهذا التقدير تجلى في كثرة الطلبات التي ترد إلى المؤسسة من أجل تكثيف الدورات العلمية لأئمة وعلماء هذه البلدان، بجانب فتح آفاق تواصل مع بلدان جديدة مثل دول البلقان التي كانت أول دورة تدريبية لأئمتها منذ فترة قريبة، وكذلك الحال بالنسبة للكاميرون ونيجيريا وأفغانستان.

ومنذ بداية أزمة كورونا في شهر مارس الماضي وحتى نهاية نوفمبر الماضي تم عقد 84 دورة تدريبية لعلماء وأئمة من أكثر من 15 دولة على مستوى قارات العالم منها (ليبيا، الكاميرون، البلقان، نيجيريا، تايلاند، بنجلاديش وإندونيسيا) وغيرها من الدول، بحيث تكون الدورة الواحد تضم 50 إمام وعالم من هذه البلدان على أن يتحول هؤلاء الدارسون فيما بعد إلى مدربين ومعلمين لغيرهم من أبناء أوطانهم، بحيث يتم الاعتماد على خريجي الأزهر المنتشرين في هذه البلدان، بحيث يمثلون حلقة الوصل بين المنظمة وهؤلاء المتدربين للتغلب على فكرة عامل اللغة».

رئيس جامعة الأزهر الأسبق، شدد على أن كل من يعترض على الدور الذي يقوم به الأزهر ومؤسسات المختلفة، هو غير متابع لأنشطة المؤسسة نفسها أو ما تقوم به من نشاط في مجالات مختلفة، حيث يتداول هؤلاء روايات مجهولة السند وليس لها أي أساس أو واقع ملموس، مشيرًا إلى أنه لا يخفى على أحد البيانات التي يصدرها لرفض أعمال العنف التي تتم في العالم العربي أو الإسلامي أو أي بلدان العالم، لحد الذي وصل بالمؤسسة أنها أصبحت في مرمى الانتقاد من قبل الجماعات المتطرفة الذين يتهمون الأزهر بأنه يغير في الدين وغير ذلك نظرًا لأنه يفند ويرد على كافة الأفكار المغلوطة التي يسعون إلى انتشارها بين الناس.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية