رئيس التحرير
عصام كامل

مشروع دولى بدلا من حقول الموت فى الصحراء الغربية!

الفقراء دائما يدفعون الثمن فى الحروب وفى مراحل البناء وحتى فى مرحلة الرخاء حيث يكون الفقراء فى ذيل اهتمامات الحكومة على مر الزمان.. ليست المرة الاولى التى أكتب فيها وكذلك كتب غيرى عن الالغام التى تنتشر فى صحراء مصر الغربية وبعض المناطق الأخرى منذ الحرب العالمية الثانية، وصرخنا فى محافل دولية كثيرة، ولكن لا حياة لمن تنادى..


نعم.. الفقراء يموتون بلا ثمن، الجميع يعلم أن الصحراء الغربية زرعت بالالغام أثناء الحرب العالم الثانية، التى دفعت مصر فيها ثمنا غاليا رغم إننا لم يكن لنا فيها ناقة ولا جمل، شاركنا فى الحرب لإننا كنا دولة محتلة وحكامنا لا حول ولا قوة لهم، والالغام ليست سرية لا يعرفها سوى المصريين، بل إن العالم كله شاهد عليها، ويعرف أخطارها، ويعرف صعوبة بل إستحالة قيام مصر بمفردها بتطهير الصحراء منها، ولكن الحقيقة إن الذى يدفع الثمن هم الفقراء، الذين ينفجر فيهم الالغام، فيموت البعض، وتبتر أيدى أو أرجل البعض الاخر، الفقراء فقط هم الذين يدفعون حياتهم أو أعضاء من اجسادهم ثمنا لحرب لم يكن لنا فيها ناقة ولا جمل .

القرار الوطنى بين ناصر والملك فاروق الأول!

يقول اللواء محمود السعيد الخبير العسكرى تعليقا على هذا: الالغام الموجودة فى مصر والمدفونة فى منطقة العلمين فى الصحراء الغربية عددها يزيد عن 17 مليون لغم من مخلفات الحرب العالمية، بالاضافة إلى 5 ملايين لغم فى مناطق متفرقة من شبه جزيرة سيناء وسواحل البحر الاحمر، وتشير السجلات الرسمية المصرية إن عدد ضحايا الالغام وصل إلى 8400 شخص ما بين قتيل ومصاب ومعظمهم من الاطفال والمدنيين، فإنه من المعتقد أن العدد الحقيقى أضعاف هذا العدد بكثير .

وكشف بعض المؤرخين، إن استفادة مصر من المساحات الملغومة والتي بها ثروات كثيرة مختلفة لن تتحقق إلا بتوافر المسؤولية الدولية للمساعدة في تطهير الالغام، والمسؤولية الإنسانية التي تحتم إحترام الحقوق الشرعية للإنسان . ومن المعروف إن القاهرة والاسكندرية والعديد من المدن المصرية تعرضت للقذف الجوى الالمانى اثناء الحرب العالمية، وكأن الدمار والموت من قنابل الالمان أو الالغام هو نصيب مصر فى هذه الحرب.

لماذا إثارة هذه المشكلة الآن؟
لأن اطفالنا وشبابنا يصابون ويموتون يوميا بسبب هذه الالغام التى زرعت فى أرضنا ونحن ليس لنا ناقة ولا جمل، وهنا نطرح سؤالا على الحكومة:  لماذا لا يكون هناك مشروع دولي متكامل، أولى عناصره تطهير الصحراء من الالغام نهائيا، العنصر الثانى إقامة مشروعات دولية تشارك فيه الدول التى ستشارك فى تطهير الصحراء، هذا المشروع يبدأ من حيث البحث عن البترول والمعادن، وإقامة المشروعات التى تعود بالنفع على مجموعة الدول المساهمة..

إعدام أصحاب المعاشات!

هذا المشروع لن يعود بالفوائد المادية فقط، أو خلق فرص عمل فقط، بل هناك ما هو آسمى وهو إنقاذ حياة البشر من الأطفال والشباب والنساء، سيخلق مناخا من الامان للحياة المعيشية، بل إنه سيخلق مجتمعات بشرية جديدة بامكانها إعادة الروح والحياة فى الصحراء، أو ربما تخلق حياة جديدة ومجتمع جديد فى عالم جديد .

من حقنا أن نحلم، والحلم يبدو فى البداية أقرب إلى الخيال، فمن يصدق أن محاولة عباس ابن فرناس التى بدأت بتركيب اجنحة، وصلنا الان الى طائرات اسرع من الصوت، علينا ان نملك الارادة، ارادة الحلم، ارادة تحقيق المشروع، لابد ان نملك الرؤية لعرض المشروع على الدول التى كانت السبب الاول فى هذه المأساة، بل يمكن جذب دول اخرى للمشاركة لانها ستستفيد من المشاركة .

علينا أولا أن نملك إرادة الرؤية وإرادة السعى لتحقيق الهدف وإعادة الحياة مئات الالاف من الافدنة من أجل إنقاذ الانسانية ومن أجل خلق عالم جديد يولد فيه الأمل فى غد أفضل .
الجريدة الرسمية