رئيس التحرير
عصام كامل

هل ستأخذ اللقاح؟

سؤال مباشر لكل قارئ: هل ستأخذ اللقاح؟ الإجابة: وأين هو اللقاح؟ وما نوع هذا اللقاح.. الأمريكي موديرنا.. أم فايزر الألماني التركي.. أم الروسي أم الصيني.. أم الإنجليزي اكسفورد؟ تتوالى اللقاحات وتتفاقم الشكوك تجاه هذه اللقاحات. يحدث ذلك رغم أن هذه الإنجازات العلمية السريعة النتائج شبهها بعض العلماء بالوصول إلى القمر.


ويحدث ذلك رغم الاجتياح والاكتساح للفيروس الفتاك في أمريكا وأوروبا والبرازيل. الإصابات بالربع مليون والوفيات بالألفين والخمسمائة في الأربع والعشرين ساعة الماضية. مع ذلك فإن أمريكا لا تبدو متعجلة في تلقيح شعبها المذعور، وتعجبت على لسان دكتور فاوتشي مدير مركز الفيروسات والأمراض المعدية الأمريكي من تعجل الحكومة البريطانية الموافقة على بدء تلقيح الشعب.. وهو ما ستفعله بريطانيا اليوم الأحد ، بينما سبقتها موسكو أمس ، وطعمت حتى ظهيرة أمس ما يزيد على مائة ألف من سكانها. وكان بوتين أمر بتطعيم ٤٠٠ ألف جندى روسي.

شيء من المرار.. شوارعنا الحلوة

الغريب أن بريطانيا ستأخذ اللقاح فايزر بيوتنيك رغم وجود اللقاح البريطاني إكسفورد.. يبرر البعض ذلك بأن الأخير في مراحله الأخيرة للتأكد من زيادة الفعالية والأمان . منظمة الصحة العالمية تجيز الأمصال عند الفعالية ٥٠٪؜ ومصل إكسفورد من ٧٠٪؜ إلى ٩٠٪؜ حتى الآن.

مقتضى كل ماسبق ، أنه مع وجود الكارثة البشرية ، ومع الظلام الدامس ، ظهر ضوء، يتشكك الناس فى حقيقته. سألنى كثيرون وسألت غيرى: هل ستأخذ اللقاح؟.. وكان الرد: لنر أولا ما جرى لمن أخذوه من الروس والإنجليز.

ولأن التشكك في الجديد طبيعة بشرية، بفعل الخوف والتوهم، ولآن أمريكا بالذات فيها جماعات ضغط تعمل عادة ضد الأمصال واللقاحات، ولأن منصات التواصل الاجتماعي باتت أشد فعالية من أي مصل وأي خطاب سياسي للإقناع ، فإن موجات التشكيك عبرت البحار والمحيطات، وتلقى استجابات ونفوسا مترددة.

إضطر الرؤساء الأمريكيون السابقون، بوش وكلينتون.. وأوباما الى الاعلان عن استعدادهم للحقن علنا بالمصل، ليطمئنوا الناس.. وبايدن قال: سأحقن بالمصل أمام الكاميرات فور إجازته.

الحقيقة أنه توجد مفارقة مضحكة في هذه المأساة الإنسانية. الغريق يتعلق عادة بقشة. ورغم أن البشرية كلها غريق أو في الطريق إلى الغرق ، ورغم ظهور حمل قش بحاله، إلا أن الناس تبدو مترددة.. وهى تهوى إلى القاع.

من أقوى الردود العلمية التى تابعتها في هذا السياق، ما أعلنه أحد الأطباء العلماء : إن الآثار الجانبية لتعاطى الأمصال أقل بكثير من مضاعفات وآثار الإصابة بالفيروس التاجي كورونا.

احموا أولادكم.. نتفلكس وأفلام المثلية

المتلقح بالمصل ربما يعدى وربما لا يعدى.. غيره... هذه فرضية لم تقطع بها شركات انتاج الأمصال.. لم تبحث ذلك بعد . أما هو فإنه إذا تعرض للفيروس من شخص مصاب ، فإن مضاعفات العدوى ستكون كالبرد العادى..

لكن.. نعود للسؤال الأصلي المهم المطلوب: وأين اللقاح.. فى مصر؟ البحرين اجازته ورخصته وستلقح شعبها.. والسعودية اتخذت خطوات لوجيستية ، إدارية وفنية، للنقل والتخزين والتبريد والتوزيع.. وسيكون مجانا لكل من على ارضها، مقيمين وأصليين ، ومصر متعاقدة على عشرين مليون جرعة ولدينا بنية أساسية طبية قوية وعريقة.. وبالطبع فإن الحكومة المصرية، كما نتوقع وقياسا على تاريخها في مجانية العلاجات الحاسمة، ستتيح الأمصال مجانا لكل المقيمين على أرضها.

متى؟ سؤال يسابق الزمن.. والفيروس يتململ في مصر.. يريد القفز والقتل.. لكن كما تقول النكتة المصرية: لقد أصبناه بالشلل.. مما نفعله بنا وبه من عدم اكتراث!
الجريدة الرسمية