رئيس التحرير
عصام كامل

نصائح مهمة للمقبلين على شراء الذهب حاليا

يعد الذهب من المعادن التي يعتمد عليها في الاقتصاد والزينة، فهو معدن نفيس استخدم في سكّ العملات وفي صناعة الحلي، بالإضافة إلى الأعمال الفنّية للعديد من الشعوب والحضارات والدول على مرّ الزمان. ويلعب الذهب دوراً مهمّاً في الأداء الاقتصادي العالمي، لذلك يكون لغطاء واحتياطي الذهب تأثيرٌ على السياسات النقدية في دول العالم. يوجد إجمالياً حوالي 186,700 طنٍّ من الذهب في العالم وفق بيانات سنة 2015؛ وتتصدّر الصين الإنتاج العالمي بحوالي 450 طنٍّ سنوياً. يتوزّع الاستهلاك العالمي من الذهب المنتج حديثاً وفق ما يلي: حوالي 50% في صناعة الحليّ، و40% في الاستثمارات وحوالي 10% في الصناعة. نظراً للخواص المميّزة التي يتمتّع بها من حيث قابلية السحب والطرق والناقلية الكهربائية ومقاومة التآكل، فإنّ للذهب أهمّية صناعية تطبيقية، خاصّة في المجالات الإلكترونية.

  
وقد استخدم الذهب منذ القدم في التعاملات المالية؛ وكان الذهب مستخدما في صدر الدولة الإسلامية حيث كان المسلمون يتداولون نقوداً يسكّها الروم البيزنطيون، أمّا أوّل دينار إسلامي ذهبي سُكّ في دولة الخلافة فكان بأمرٍ من عبد الملك بن مروان في عصر الدولة الاموية، واستمرّ يُسك من قبل كلّ خليفة حتى انتهى مع سقوط الخلافة العثمانية. وفي أوائل القرن العشرين وقبل الحرب العالمية الأولى انتقلت الأمم المتحاربة إلى غطاء "كسري أو جزئي" للذهب، ممّا أدّى إلى تضخّم العملات وذلك من أجل تمويل المجهودات الحربية.

الفول "عجمية يا رجّالة"

في فترة ما بين الحربين العالميتين قامت الدول المنتصرة بمحاولة استرداد قيمة الذهب، إلّا أنّها لم تفلح في ذلك، إذ سرعان ما تكرّر الأمر للتحضير للحرب العالمية الثانية، وبعدها بدأ الاعتماد على نظام مالي للعملات قابل للتحويل اعتماداً على سعر صرف وفقاً لنظام بريتون وودز. إلّا أنّه في سنة 1971 استغنت الحكومات العالمية عن نظامي الغطاء الذهبي وقابلية تحويل العملات إلى ذهب، إبّان رفض الولايات المتحدة ربط الدولار الأمريكي بالذهب، وبذلك نشأ مبدأ النقد الإلزامي وترسّخ في الاقتصادات العالمية.

وبسبب طراوة الذهب الخالص (24 قيراط) فإنّه غالباً ما يسبك مع فلزّات أخرى للاستخدام في صناعة الحليّ، ممّا يغيّر من الخواص بشكلٍ عام مثل ميّزات القساوة والقدرة على السحب ونقطة الانصهار واللون وغيرها. غالباً ما يسبك الذهب مع النحاس أو الفضّة أو البالاديوم وذلك بنسبٍ مختلفة من درجة النقاوة، نمطياً إمّا 22 أو 18 أو 14 أو 10 قيراط. لا يستخدم النيكل إلّا نادراً في صنع السبائك بسبب السمّية، ويستخدم البالاديوم بدلاً من ذلك في صنع سبائك الذهب الأبيض، إلّا أنّه أغلى سعراً. تتميّز سبائك الذهب الأبيض مرتفعة العيار بأنّها مقاومة للتآكل بشكلٍ أكبر من الفضّة الخالصة أو الفضّة الإسترلينية.

وتشهد حاليا أسواق الذهب تذبذبا كبيرا بين الارتفاع والانخفاض، ويرجع السبب في ذلك لطرح صناديق استثمار عالمية لحصص من أرصدتها الضخمة للذهب للبيع، حيث باع أحد الصناديق البالغ رصيده من الذهب 1538 طنا نسبة 0.28% من حصته بنحو طن واحد. وسبب طرح صناديق الاستثمار لنسبة من محفظة الذهب الخاصة بها، إلى محاولة لجني الأرباح حيث إنه يمتلك كميات ضخمة بآلاف الأطنان، والسبب الثاني هو محاولة من المستثمرين لإحداث هزة في السوق العالمي من خلال زيادة المعروض بغرض خفض الأسعار ثم العودة للشراء من جديد.

ومن المتوقع أن تستمر حالة التذبذب في أسعار الذهب لدى السوق العالمية والمصرية لمدة أسبوعين آخرين، لحين انتهاء صناديق الاستثمار من جني الأرباح، والتذبذب سيكون سريعا ولن يزيد على 50 سنتا صعودا وهبوطا. وكان سعر الذهب سجل أقل مستوى في 5 أشهر مع إقبال المستثمرين على الأصول عالية المخاطر بعد إشعال شركة استرازينيكا لصناعة الأدوية سباق لقاح فيروس كورونا وموافقة وكالة اتحادية أمريكية على بدء إجراءات انتقال الرئاسة في الولايات المتحدة لجو بايدن، خلال الأسبوع الأخير من نوفمبر 2020.

البرتقال المصري يغزو العالم

وهذا التذبذب الكبير في السعر دفع الكثير من المستهلكين للتساؤل، هل الوقت الحالي مناسب للشراء واستغلال فترة تراجع الذهب، أم لبيع المشغولات الذهبية وجنى أرباح وتجنب استمرار هبوط الذهب؟

وبالفعل شهد السوق زيادة في توجه المستهلك لبيع الذهب تجنبا لمزيد من تراجع الأسعار، وبالنسبة للمقبلين على شراء الشبكة يمكن الآن شراء الذهب والاستفادة من التراجع الكبير للذهب والذى اقترب من 40 جنيها للجرام خلال نوفمبر 2020، خاصة وأن الشراء ليس بغرض الاستثمار.

أما المقبلين على شراء الذهب بغرض الاستثمار، يمكن أن يؤجل قرار الشراء حاليا في انتظار ما ستسفر عنه الأحداث خلال الفترة القادمة، خاصة مع اقبال المستثمرين للتخلص من الملاذات الآمنة مع إعلان شركات أدوية توصلها إلى مصل لعلاج فيروس كورونا. وبحسب تصريحات الخبراء فإن الذهب ما زال يمتلك فرصا قوية للصعود وسط استمرار أزمة جائحة كورونا، وسير البنوك المركزية في تنفيذ برامج مساعدات مالية ضخمة من شأنها إضعاف قيمة العملات طالما لم يقابلها ارتفاع في الإنتاج.

و المؤشرات كافة ترجح أن التوقيت الحالي مناسب لشراء الذهب، لكونه ما زال يمتلك فرصا للصعود. والذهب الآن هو مخزن القيمة الأبرز في العالم، في ظل ضعف الدولار الأمريكي وكذلك العائد على أذون الخزانة، بسبب المخاوف من حدوث موجة تضخم جراء برامج المساعدات المالية الضخمة التي تنفذها العديد من دول العالم دون أن يقابلها زيادة في الإنتاج. وطالما لم تنتهِ أزمة كورونا، سيظل الذهب يسجل قفزات سعرية جديدة، تتيح فرصة جيدة للشراء.

ويشير الخبراء إلى أن السبب القوي الذي يدعم صعود الذهب الفترة المقبلة، هو أن توزيع لقاح فيروس كورونا على جميع أنحاء العالم يستغرق فترة لا تقل عن 6 أشهر من تاريخ الوصول إليه، ما يعني أن الذهب ما زال أمامه متسع من الوقت للارتفاع. كما انخفض الدولار إلى أدنى مستوياته في عدة سنوات، وهو ما يجعل الذهب أرخص بالنسبة للمشترين الحائزين لعملات أخرى ويقلل من جاذبية العملة الأمريكية كأصل منافس للذهب كملاذ آمن.

الجريدة الرسمية