رئيس التحرير
عصام كامل

السد الإثيوبى ولطم الخدود !

عندما تعرضت مصر عام ١٩٥٦ للعدوان الثلاثي الذي شاركت فيه بريطانيا وفرنسا وإسرائيل كان هناك نَفَر من المصريين سعداء لأنهم رأوا فى هذا العدوان فرصة للتخلص من غريمهم جمال عبدالناصر، غير مكترثين بأن هذا العدوان يهدد  مصر بإحتلال عسكرى جديد بعد أن تخلصت قبل أسابيع قليلة من الاحتلال البريطانى.

 

تذكرت ذلك حينما أعلن وزير الرى الإثيوبى بدء بلاده تخزين المياه فى بحيرة سد النهضة قبل أن يعود للتنصل مما أعلنه، وتقول الإذاعة الاثيوبية إن كلامه فهم أو فسر خطأ.. فقد تصرف نفر من المصريين بنفس الطريقة.. هم لم يعتبروا إن ذلك عدوانا إثيوبيا واضحا علينا لأنه يؤكد نيتها فى السيطرة على النيل الأزرق والتحكم المنفرد فى مياهه رغم إنه نهر دولى.. 

 

اقرأ أيضا:

كورونا والسد الإثيوبي! 

وإنما اعتبروه فرصة لتوجيه النقد والهجوم على عبدالفتاح السيسى.. فقد أخذوا يولولون ويصرخون ويلطمون الخدود، ولا يخفون الشماتة فى الإدارة الحالية،  رغم إن الأمر يخص الوطن كله وأهله جميعا الحاليين والمستقبلين أيضا، أى الأجيال الحالية وأجيال المستقبل أيضا.


وحدث ذلك رغم إن المفاوض المصرى طوال السنوات العشر السابقة تمسك بالحقوق المصرية ويدافع عنها بقوة وإصرار، مثلما فعل المفاوض المصرى قبلها حينما رفض أيضا إتفاق سعت اثيوبيا لفرضه على الدول المتشاركة فى نهر النيل لا يضمن الحقوق التاريخية المصرية فى النيل.


كما حدث ذلك رغم إننا نعرف إن التعنت والتلاعب الإثيوبى، والذى وصل ذروته أمس بالإعلان عن بدء ملء السد ثم نفى ذلك، قد فرض علينا خوض معركة طويلة وشرسة لإلزام إثيوبيا على الاعتراف بحقوقنا ومعنا السودان فى مياه النيل الأزرق.

 

اقرأ أيضا:

سامح شكرى

وهذه المعركة سوف تحتاج منا جهودا كبيرة وتقتضى منا استخدام كل الوسائل المتاحة وتستغرق وقتا.. فإن مشكلتنا مع إثيوبيا لا تقتصر على الملء الأول للسد، وإنما سعيها للتحكم فى مياه النيل الأزرق..

 

وهذا لن تسمح به مصر لأنه نهر دولى نتشارك فيه نحن والسودان مع إثيوبيا وستفرض مصر على إثيوبيا احترام ذلك فى نهاية المطاف، والالتزام به وهى تدير وتشغل السد الذى لم تنته بعد من إتمام بنائه.


إن وقت التحديات الوطنية الكبيرة ليس هو وقت تصفية الحسابات السياسية ، وإنما هو وقت الدفاع عن الوطن ومصالحه وأمنه، بل وحياته.

الجريدة الرسمية