رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية أقدم مسحراتي في مصر.. منيع والي.. عمره 94 عاما.. يعمل بالمهنة منذ خمسينيات القرن الماضي.. ويؤكد "الناس ما بقتش زي زمان"

محرر فيتو مع منيع
محرر فيتو مع منيع والي

"اصحى يا نايم وحد الدايم اذكر الله وقول نويت بكرة إن حييت الشهر صايم والفجر قايم.. اصحى يا نايم وحد الرزاق رمضان كريم".. كلمات قالها الشاعر فؤاد حداد عن المسحراتي في القصيدة المسماة باسمه، مهنة يطوف أصحابها في شوارع الغربية من خلال الضرب على طبلتهم بعصاهم.

 

مسحراتي في زمن العولمة

وبالرغم من انتشار الفضائيات التي تبث برامجها ومسلسلاتها على مدار الساعة، ورغم العولمة والتقدم التقني في أجهزة الاتصال، فإن قرى محافظة الغربية لا تزال تعرف طقوس رمضان الدافئة مثل المسحراتى، ففي منزل متواضع بقرية الرجبية يوجد أيقونة رمضان في الغربية "منيع والى" رجل في عامه الـ 94 أقدم مسحراتى بالمحافظة.

منيع والي

ورغم كبر سنه إلا أنه ممتلئ بالحب لأهالي قريته، حيث كرس حياته ليصطحب طبلته ويجوب بها القرية والعزب التابعة لها في ليالى رمضان مناديا: "اذكر الله.. رمضان كريم" وليخرج أبناء القرى من الشرفات والأبواب يخبرونه أنهم استيقظوا لتناول السحور ويتبادلون معه التهانى بليالى رمضان.

امتهن عم منيع عمل المسحراتي لفترة زمنية تعدت السبعين عامًا، بدأها على سبيل الهواية، ثم زاولها كمهنة في عام 1950 سعيًا وراء كسب الثواب، وشعوره بأهمية إيقاظ الناس للسحور مع الإنشاد على دقات طبلته العتيقة، الرجل التسعيني قال لـ"فيتو": "الناس لم تعد بنفس الطيبة والأخلاق الكريمة زي زمان، ففي الماضي كانوا ينادوننى ويجودون على بالحلوى والتمر والنفحات، وفي نهاية الشهر كانوا يجعلون لى جزءا من الكعك والبسكويت، وأيضًا من زكاة المال، ويشكروننى ويثنون على لما يرون من فضل استيقاظهم لتناول وجبة السحور".

الحصول على وظيفة

وأضاف "منيع" أنه لم يحصل على أي وظيفة ويعمل أرزقيا، موضحًا أن المسحراتى هو الرجل المميز في رمضان، فهو الذي يوقظ الناس للسحور ،ولكل قرية عدد من المسحرين حسب مساحة القرية وكثرة سكانها.

ويبدأ المسحر جولته قبل موعد الإمساك بساعتين، ويحمل طبلته بحبل في رقبته، فتتدلى إلى صدره أو يحملها بيده ويضرب عليها بعصا خاصة، والمسحراتي يعرف أصحاب المنطقة فيقف عند أبواب المنازل وينادي عليهم كل باسمه.

البداية

وأوضح أنه كان يخرج مع المسحراتي وهو طفل صغير والشوارع مظلمة في الشتاء، يوقظان الناس لتناول وجبة السحور، وكانت مهمته أن يحمل الفانوس لينير الطريق لهما،وكان يشدو بصوته ويدق على طلبة المسحراتى في الشوارع حتى وقت متأخر من الليل.

وأضاف:" كنا في كل شارع بالقرية نمر به نجد الأطفال ينتظروننا ويتجمعون ويسيرون خلفنا في القرية كلها حاملين الفوانيس الحديثة، والتي كانت تعمل بالحجارة، ويهتفون مثلما أهتف ويغنون "حلو يا حلو رمضان كريم يا حلو" أو يقولون مثلى "اصحى يا نايم صحى النوم أصحى يانايم اتسحر قوم".

وفى الماضى كان الأطفال يحملون بأياديهم فوانيس من الصفيح وهى لأبناء الأغنياء بينما كان يحمل أطفال الفقراء علبا من الصاج يحدثون بها فتحات ويضعون بداخلها شمعة لتنير لهم الطريق أثناء السحور".

 

رمضان والتكنولجيا 

ويؤكد "منيع" أن طعم رمضان الآن بعد التطور التكنولوجى وانتشار الإنارة في الشوارع، صار أفضل من زمان ، خصوصًا أن الناس غالبًا لا تنام وتفضل انتظار السحور.

وعن اندثار المهنة قال إنه لا يخاف اندثارها، لأنها إحدى أهم الأعمال في شهر رمضان، مشيرًا إلى أن الأطفال ينتظرون كل ليلة سماع ما ينشده من ذكر لله وأوليائه الصالحين كما ينتظرون سماع أسمائهم على لسانه.

ويضيف العم منيع : " باخرج من بيتي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل لأبدأ جولتى في شوارع القرية بالطبلة والجمل الشهيرة "اصحى يا نايم" وأعود لمنزلى بعد أن أفرح بفرحة الأطفال قبل الفجر بثلث ساعة، أتوضأ وأصلى الفجر بالمسجد، مستمرا على هذه الحال الشهر كله".

سبب الإصرار 

ويضيف "منيع" أن من أسباب إصراره على استمراره كمسحراتي أن هذه المهنة تعتبر تراثا قديما وعادات وتقاليد منذ قديم الزمن، وروحانيات للشهر الكريم مثل الكنافة البلدي والمخلل والعرق سوس، وكلها وجبات مشهورة في رمضان، وأنه يشعر بسعادة عندما يرى الأطفال تنطق اسمه وتقول له "المسحراتى أهو".

وأعرب الرجل التسعيني عن سعادته البالغة لاقتراب حلول شهر رمضان الكريم الذي يشعر فيه بسعادة بالغة، حيث يبدأ في ممارسة مهام عمله، وكلها لوجه الله لإيقاظ المواطنين لبدء السحور.

نقلًا عن العدد الورقي..،

الجريدة الرسمية