رئيس التحرير
عصام كامل

لا تتكبر.. فللكون رب أكبر


تعرض في بداية حياته العملية لظلم شديد تسبب في اعتقاله ودخوله السجن في واقعة ثبت فيما بعد براءته التامة منها، وبعد خروجه من السجن ظل موقوفًا عن عمله لعدة شهور حتى أصبح مهددًا بالطرد من مسكنه لعجزه عن سداد الإيجار، ولأنه نموذج يحتذى في احترافية العمل وطهارة اليد فقد من الله جل وعلا عليه بالعودة إلى عمله، فأتقن وأبدع طوال مشواره المهنى إلى أن أصبح محافظًا ثم وزيرًا يشار إليه بالبنان، مقدمًا بذلك نموذجًا ملهمًا لكل مظلوم بأنه مهما اشتد ظلم الظالمين فإن عدل الله القوى المتين هو الذي سيسود في النهاية، وقد أثنى عليه كل من تعامل معه حتى خصومه، لأنه كان إنسانًا شهمًا ونبيلًا وأصيلًا بكل ما تحمله هذه الكلمات من معان إلى أن توفاه الله في شهر يوليو عام 2003.


إذا كنت تشعر بالظلم.. فأدعوك إلى أن تقرأ قصة حياة اللواء / محمد عبد الحليم موسى (محافظ أسيوط، ووزير الداخلية الأسبق)، لكى تستمد منها الصبر العميق، والإيمان القوى بأن الله القاهر الجبار الذي لا يغفل ولا ينام، لقادر بإذنه تعالى أن يسبب الأسباب التي ستعيد إليك حقك، وتنتقم لك ممن ظلمك، لأنه أخبرنا في محكم آياته وهو الصادق العادل أنه غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وفى نفس الوقت أدعو كل ظالم نسى قدرة الله سبحانه وتعالى، وأوغل في التكبر والتجبر على الناس والتنكيل بهم وقطع أرزاقهم، متحصنًا بمنصب رفيع هو بالتأكيد لا يستحقه، أو محتميًا بمسئول كبير تجمع بينهما مصالح شخصية مشتركة، أن يتفكر مليًّا في قول الخليفة الزاهد "عمر بن عبد العزيز" لأحد أصحابه ذات يوم: "إذا رأيتنى ضللت الطريق فخذ بمجامع ثيابى وهزنى هزًّا عنيفًا وقل لى: اتق الله يا عمر فإنك ستموت"، وهو يقول له ذلك من شدة خشيته من الله، على الرغم من أنه كان حريصًا كل الحرص خلال فترة خلافته على تحقيق أقصى درجات العدل والمساواة بين الناس، ورد المظالم إلى أهلها.

أرجو من كل مظلوم شكا لى من اتساع دائرة الظلم واشتداد قسوته بصورة غير مسبوقة، أن يصبر ويحتسب، وأن يجد ويجتهد، لأن أمر الله نافذ في الظالم في الدنيا لا محالة (وإن طال الأمد) لأن للظلم دورة نعلم جميعًا كيف تكون نهايتها، ولكل ظالم نقول:
لا تتكبر.. فللكون رب أكبر، وكن رحيمًا ودودًا.. قبل أن تصبح عظامًا و(دودًا).
الجريدة الرسمية