رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد سلام يكتب.. متطوعو معرض الكتاب.. واليوم العالمي لمهارات الشباب

احمد سلام المستشار
احمد سلام المستشار الاعلامي المصري السابق بالصين


في ديسمبر عام 2014، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 145/69 بإعلان يوم 15 يوليو من كل عام يوما عالميا لمهارات الشباب، ويهدف الاحتفال بهذا اليوم إلى تلبية احتياجات الشباب وتحقيق تطلعاتهم خاصة في البلدان النامية والآخذة في النمو. ولا شك أن تشجيع الفتيات والفتيان لاكتساب المهارات من شأنه أن يعزز قدرتهم ويوسع من مداركهم ويساعدهم، بل ويمكنهم من دخول أسواق العمل المتغيرة. والمتابع لما يحدث في الجمهورية الجديدة يجد أننا نسير على الطريق الصحيح. وهو ما سأحاول توضيحه في مقال اليوم.


لقد صادف الخامس عشر من يوليو هذا العام انتهاء فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 52. وثمة رابط هام بين المناسبتين، حيث يتضمن اليوم العالمي لمهارات الشباب ضمن فعالياته وأنشطته القيام بالتطوع وأنشطة التوعية العامة. وهو الأمر الذي رأيته ولمسته من شباب مصر المتطوعين لخدمة رواد معرض الكتاب، والذي أقيم خلال الفترة من 30 يونيو حتى 15 يوليو 2021، وحقق نجاحا كبيرا في دورة هذا العام بسبب الشراكة التنظيمية والتنسيقية بين كل من وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة العامة للكتاب، برئاسة الدكتور هيثم الحاج علي، ووزارة الشباب والرياضة برعاية الدكتور أشرف صبحي، وهو ما يعكس التعاون الجيد بين مختلف الجهات الحكومية في عملية تنظيم معرض القاهرة الدولي للكتاب.

وقد تذكرت مقالا كتبته منذ عدة أعوام حول أهمية دور المتطوعين من الشباب.. جاء فيه ".. إن العمل التطوعي يُعد من أهم الآليات التى تتبعها الدول النامية من أجل تعبئة الجماهير وإدماجها في المخططات الوطنية الكبرى، إذ تستثمر في هذا المجال من أجل ضمان انخراط المواطنين في المشروعات المجتمعية وإنجازها بتكلفة أقل، مما جعل أعمال التطوع تستحق دراسة مستفيضة من أجل الإطلاع على مكامنها وأسباب نجاحها، وإمكانية تطبيقها، مما يكون له عظيم الأثر في عملية الانتماء وحب الوطن...".

واليوم رأيت بعيني عددا كبيرا من الشباب المتطوعين يقومون بتقديم الخدمات لجميع رواد المعرض الذين يحتاجون إلى المساعدة من كافة الفئات، سواء من كبار السن أو الأطفال أو ذوي الإعاقة أو الأجانب (خاصة من لا يتحدثون العربية). ويمكن التعرف على المتطوعين بسهولة، من خلال الزي الفسفوري المميز الذي يرتدونه، وانتشارهم في كل أرجاء المعرض بداية من بوابات ومداخل صالات العرض وخارج الصالات للإرشاد عن أي مكان تحتاج الوصول إليه، وقد تم تزويدهم بمواد إعلامية وخرائط لكافة الفعاليات والأماكن والمكتبات ودور النشر والمطاعم والكافيتريات ودورات المياه.. إلخ. فهم بحق «كتيبة المتطوعين»، فقد لاحظت أحدهم يسير برفقة أحد كبار السن وهو يتكئ بإحدى يديه على عصاه ويمسك بيده الأخرى يمسك بذراع أحد المتطوعين.

والحقيقة أنه في ظل الظروف الاستثنائية التي أقيمت فيها الدورة الـ 52 من معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، فقد كان لفريق المتطوعين دوراً هاماً في الحفاظ والمساهمة في القيام بالإجراءات الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا. فعند الدخول تُقاس درجة الحرارة ويتم تنظيم الدخول وفقاً للأعداد المتاحة في كافة الأجنحة حتى لا يزيد عدد المتواجدين بالداخل عن العدد المناسب للإجراءات الاحترازية.

وقد بلغ عدد المتطوعين من الشباب الذين تم اختيارهم لخدمة رواد معرض الكتاب هذا العام نحو 200 متطوعا، أخبرني بعض الفتيات والشباب ممن تقابلت معهم أثناء زيارتي للمعرض أنهم تقدموا للتطوع بمجرد فتح باب التقدم للعمل التطوعي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب والذى استمر لمدة 10 أيام، وأن عدد المتقدمين بلغ أكثر من 10 آلاف متطوع من مختلف محافظات الجمهورية. وقد تم إجراء مقابلات شخصية لأكثر من 2000 متطوع بمركز التعليم المدني بالجزيرة، وحضر المقابلات الشخصية للمتطوعين الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة.

وقد تم اختيار المتطوعين بناء على عدة معايير وعوامل، منها قرب السكن «البُعد المكاني» حتى يستطيعوا الوصول إلى أرض المعرض بسهولة، وكذلك الخبرة السابقة، وأيضاً بعض الشباب ممن ليس لديهم خبرة ولكن لديهم مهارات وسمات شخصية وتم تدريبهم للتعرف على قدرات المقبولين للتطوع على العمل تحت ضغط وفي فريق عمل، وكيفية الخروج من المشكلات والقدرة على حلها. وقد تم إخضاع المتطوعين الذين تم اختيارهم لفترة تدريب قبيل انطلاق المعرض، لتدريبهم على كيفية العمل بداخل أرض المعارض، وتوزيع المهام عليهم وتقسيمهم إلى فرق.

وفي حقيقة الأمر، فإنه لا يمكن فصل الحديث عن الاحتفال باليوم العالمي لمهارات الشباب، والذي تحرص مصر على الاحتفال به سنويا، وبين الدور المهم الذين يقوم به الشباب من عمل تطوعي خلال الأحداث والمناسبات المهمة التي تشهدها مصر، كما هو على الوجه الذي تم توضيحه في الدورة الأخيرة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب. فمما لا شك فيه أن ما يتم مع شباب المتطوعين هو أحد الجوانب المضيئة في مصر. وهناك العديد والعديد من أوجه الأنشطة التي يتم التدريب عليها لصقل مهارات الشباب. وذلك في إطار حرص الحكومة على تعزيز وتهيئة بيئة ريادة الأعمال والابتكار في مصر، ودعم الأفكار الريادية التي تنعكس إيجابيًا على الاقتصاد القومي، وتعزز فرص بناء مستقبل أفضل، وتخلق فرص العمل الجديدة للشباب التي تتسق مع الثورة الصناعية الرابعة.

وبمناسبة الاحتفال بهذا اليوم أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر حملة "طور وغير لايف"، والتى نظمتها وزارة الشباب والرياضة في يونيو 2020، عبر خدمة البث المباشر على الصفحة الرسمية للوزارة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"؛ لتدريب الشباب، وتطوير مهاراتهم التكنولوجية تحت عنوان "استعدوا لبكرة". وقد تم تدريب المشاركين على التخطيط الوظيفى، ومقدمة فى كتابة السيرة الذاتية، ومقدمة عن التسوق الإليكتروني، والتسوق الشخصي، ومقدمة فى الذكاء الاصطناعى والعمل الحر؛ بهدف تدريب الشباب، وتنمية مهاراتهم، واستثمار أوقاتهم بشكل أمثل عن طريق التعلم الذاتي. وفى ضوء الإجراءات الاحترازية المتخذة لمجابهة انتشار فيروس كورونا.

وفي الإطار ذاته، وفي سياق استراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للمساهمة فى تنفيذ خطة الدولة لبناء الإنسان المصري، فقد أطلق معهد تكنولوجيا المعلومات التابع للوزارة في مايو 2020 مبادرة "شغلك من بيتك"، والتي تهدف إلى توعية وتدريب الشباب على مهارات العمل الحُر والعمل عن بُعد وإتاحة فرص دخل متميزة من خلال الشراكة مع عدد من منصات العمل الحُر، وتستهدف المبادرة إتاحة الفرص لمختلف فئات الشباب؛ وترتكز المبادرة على ثلاثة محاور:

المحور الأول: التدريب عن بُعد عن طريق إتاحة دورات ومسارات تدريبية على المهارات التكنولوجية الأكثر طلبا في سوق العمل، من خلال منصات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإليكترونية، ويتم إتاحة البرامج التدريبية باللغة العربية وأيضًا بلغة الإشارة في إطار العمل على تمكين الأشخاص ذوى الإعاقة وخلق مجتمع دامج لكافة فئاته.

المحور الثاني: الإشراف والتوجيه ويشمل إشراك الخبراء في المجال لتبادل الخبرات والنصائح مع حديثي العهد بالفكرة والراغبين في تعظيم استفادتهم من منصات العمل الحُر المختلفة من خلال لقاءات افتراضية أسبوعية ومحاضرات إليكترونية.

أما المحور الثالث، فقد تضمن توفير امتيازات وفرص عمل مختلفة من خلال التعاون والشراكة مع منصات العمل الحُر وشركات التوظيف عن بُعد بحيث تتضمن المبادرة فرص لمجموعة متنوعة من إشكال العمل سواء داخليا أو عن بُعد مع شركات عالمية.

إن مصر في ظل الصحوة التى تعيشها علي كافة المستويات والتي تساهم بشكل كبير في نجاح العمل التطوعي، من خلال توثيق العلاقات بالمسئولين ومتخذي القرار، وتنظيم المؤتمرات والملتقيات وإنشاء مراكز للعمل التطوعي على مستوي البلاد، بغرض تشجيع العطاء بلا مقابل والمساهمة الفاعلة في المجتمعات، والاستفادة من أهم عنصر يستطيع كل منا التطوع فيه، وهو الوقت والجهد والعلم والرأي والخبرة، كأحد أوجه التطوع والعطاء، خاصة في ظل تعقد عالمنا المعاصر وتعدد الاحتياجات الاجتماعية لكثير من فئات المجتمع، مما زاد من الأعباء الملقاة على عاتق الدولة، حيث لم تعد الحكومات قادرة وحدها على القيام بهذا الدور، مما يتطلب مشاركة جهات أخرى تعزز الدور الحكومي وتسانده وتقوم بالمساعدة في تلبية الحاجات الاجتماعية لفئات كثيرة في المجتمع.

احمد سلام   المستشار الاعلامي المصري السابق بالصين
Advertisements
الجريدة الرسمية